الفضول ليس مجرد رغبة في المعرفة، بل هو الشرارة التي تُشعل التفكير والإبداع وتدفع الشباب لاكتشاف ذواتهم والعالم من حولهم. غير أن هذا الفضول يحتاج إلى بيئة تغذّيه لا تُطفئه، وإلى أساليب تربيه لا تُقيّده.

أولاً، الأسئلة قبل الإجابات. عندما نُشجع اليافع على طرح الأسئلة لا على حفظ الردود، نفتح أمامه باب البحث والتفكير. من المهم أن نكافئ السؤال الجيد لا الجواب السريع، وأن نجعل “لماذا؟” كلمة عادية في كل حوار.

ثانياً، ربط التعلم بالحياة اليومية. حين يرى اليافع أن ما يتعلمه له معنى في حياته — في المطبخ، في الحديقة، في التكنولوجيا التي يستخدمها — يتحول الدرس إلى اكتشاف. الفضول يعيش على الواقعية لا على الحفظ الجاف.

ثالثاً، تقديم التحديات الصغيرة. العقول الفضولية تُحب الغموض أكثر من الحلول الجاهزة. لعبة فكرية، تجربة علمية غامضة، أو مسابقة تتطلب تفكيراً خارج الصندوق تجعل اليافع يشعر بأن المعرفة مغامرة لا واجب.

رابعاً، فتح مساحة للخيال. الخيال ليس هروباً من الواقع، بل وسيلة لفهمه. عندما نسمح لليافعين برسم أفكارهم، أو ابتكار قصصهم، أو تصميم مشاريعهم الخاصة، نمنحهم حق التجريب واكتشاف حدود الممكن.

خامساً، القدوة الفضولية. الشغف معدٍ. حين يرى اليافع الكبار يسألون ويبحثون ويتعلمون باستمرار، يدرك أن الفضول لا ينتهي بالعمر. المعلم أو الوالد الذي يقول “لا أعرف، دعنا نبحث معاً” يغرس في الطفل عادة الاستقصاء أكثر من أي درس.

وأخيراً، البيئة الداعمة. الفضول يزدهر حيث لا يُسخر من الخطأ ولا يُستهزأ بالسؤال. بيئة تشجّع النقاش، وتقدّر التنوع، وتمنح الحرية في الرأي هي التربة التي تنبت فيها العقول المفكرة.

تحفيز الفضول لدى اليافعين ليس ترفاً تربوياً، بل استثمار في قدرتهم على التعلم مدى الحياة. من يتعلم بدافع الفضول، لا يحتاج من يدفعه لاحقاً نحو المعرفة — لأنه يسير إليها وحده، بشغف.

admin الفئة 1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *